الجمعة، 22 نوفمبر 2013

16- الرسل وقانونية العهد الجديد

16- الرسل وقانونية العهد الجديد

 
  كان للكنيسة في عصرها الأول قانونها ذو المصداقية الإلهية المتمثل في تلاميذ المسيح ورسله الذين سبق أن أختارهم من بين جمهور من المؤمنين به وسماهم رسلًا وتلمذهم على يديه ليكونوا شهودا له ولأعماله وأقواله وليحملوا رسالته (الإنجيل) لجميع الأمم. اختارهم ودعاهم هو نفسه بحسب إرادته ومشورته الإلهية وعلمه السابق، وتلمذهم على يديه حوالي ثلاث سنوات ونصف عاشوا فيها معه وتعايشوا معه بصورة كاملة، فقد تركوا كل شيء وتبعوه "ها نحن قد تركنا كل شيء وتبعناك" (مت19: 27؛مر10:28؛لو18: 28)، أكلوا معه وشربوا، دخلوا معه وخرجوا ورأوا كل أعماله بعيونهم وسمعوا كل ما قال وعلم ولمسوه بأيديهم. وكشف لهم أسرار ملكوت السموات "وقال لهم لأنه قد أعطي لكم أن تعرفوا أسرار ملكوت السموات" (11:13)، وزودهم بالسلطان الرسولي وفسر لهم كل ما تنبأ به عنه جميع أنبياء العهد القديم ووعدهم بالروح القدس ليحل عليهم ويسكن فيهم فيقودهم ويذكرهم بكل ما عمله وعلمه الرب ويعلمهم أمورا جديدة، ويرشدهم للحق. فقد كان الرسل هم شهود العيان الذين سمعوه ورأوه ولمسوه وكان معهم شاهدان آخران هما نبوات العهد القديم والروح القدس الذي يشهد فيهم وبهم ومن خلالهم:
 (1) فقد ظل يظهر لهم بعد قيامته مدة أربعين يومًا كشف لهم فيها الأمور المختصة بملكوت السموات (أع3:1)، وشرح لهم كل ما سبق أن تنبأ به الأنبياء وكُتب عنه في جميع أسفار العهد القديم "ثم ابتدأ من موسى ومن جميع الأنبياء يفسر لهما الأمور المختصة به في جميع الكتب.. وقال لهم هذا هو الكلام الذي كلمتكم به وأنا بعد معكم انه لابد أن يتم جميع ما هو مكتوب عني في ناموس موسى والأنبياء والمزامير. حينئذ فتح ذهنهم ليفهموا الكتب. وقال لهم هكذا هو مكتوب وهكذا كان ينبغي أن المسيح يتألم ويقوم من الأموات في اليوم الثالث. وان يكرز باسمه بالتوبة ومغفرة الخطايا لجميع الأمم مبتدأ من أورشليم. وانتم شهود لذلك" (لو24:26و44-48).
(2) وأعطاهم سلطانًا ليصنعوا الآيات والقوات والعجائب، وقبل صعوده مباشرة أرسلهم ليشهدوا له في العالم أجمع وليكرزوا بالإنجيل في المسكونة كلها "وقال لهم اذهبوا إلى العالم اجمع واكرزوا بالإنجيل للخليقة كلها" (مر15:16)، "فاذهبوا وتلمذوا جميع الأمم وعمدوهم باسم الآب والابن والروح القدس. وعلموهم أن يحفظوا جميع ما أوصيتكم به. وها أنا معكم كل الأيام إلى انقضاء الدهر" (مت19:28 و20).
(3) وكان قد وعدهم، في الليلة الأخيرة قبل الصليب، بأن يرسل لهم الروح القدس ليمكث فيهم ومعهم إلى الأبد ويعلمهم كل شيء ويذكرهم بكل ما عمله وعلمه الرب يسوع المسيح ويخبرهم بالأمور الآتية ويرشدهم إلى جميع الحق:
* "وأنا اطلب من الآب فيعطيكم معزيا آخر ليمكث معكم إلى الأبد. روح الحق الذي لا يستطيع العالم أن يقبله لأنه لا يراه ولا يعرفه. وأما انتم فتعرفونه لأنه ماكث معكم ويكون فيكم" (يو16:14و17).
* "وأما المعزي الروح القدس الذي سيرسله الآب باسمي فهو يعلّمكم كل شيء ويذكركم بكل ما قلته لكم" (يو26:14).  
St-Takla.org Image: Saints with Jesus in the heavens, and Last Judgment - The devil (Satan) with the punished ones
صورة في موقع الأنبا تكلا: القديسين مع المسيح في السماوات (السماء)، اليوم الأخير، الدينونة، و الشيطان (إبليس) مع المعاقبين
* "ومتى جاء المعزي الذي سأرسله أنا إليكم من الآب روح الحق الذي من عند الآب ينبثق فهو يشهد لي. وتشهدون انتم أيضا لأنكم معي من الابتداء" (يو26:15).
* "وأما متى جاء ذاك روح الحق فهو يرشدكم إلى جميع الحق.. ويخبركم بأمور آتية" (يو13:16).
* كما يتكلم على لسانهم "فمتى أسلموكم فلا تهتموا كيف أو بما تتكلمون. لأنكم تعطون في تلك الساعة ما تتكلمون به. لأن لستم انتم  المتكلمين بل روح أبيكم الذي يتكلم فيكم" (مت19:10و20).
* "بل مهما أعطيتم في تلك الساعة فبذلك تكلموا لان لستم انتم المتكلمين بل  الروح القدس" (مر11:13).
* "لان الروح القدس يعلمكم في تلك الساعة ما يجب أن تقولوه" (لو12:12).
* "لأني أنا أعطيكم فمًا وحكمةً لا يقدر جميع معانديكم أن يقاوموها أو يناقضوها" (لو15:21).
  ثم أكد عليهم بعد قيامته أن يبدءوا البشارة بالإنجيل بعد أن يحل الروح القدس عليهم وليس قبل ذلك "وها أنا أرسل إليكم موعد أبي. فأقيموا في مدينة أورشليم إلى أن تلبسوا قوة من الأعالي" (لو49:24)، وقبل صعوده مباشرة قال لهم "لكنكم ستنالون قوة متى حل الروح القدس عليكم وتكونون لي شهودا في أورشليم وفي كل اليهودية والسامرة والى أقصى الأرض" (أع8:1).
  وبعد حلول الروح القدس عليهم حمل تلاميذ المسيح ورسله الإنجيل، البشارة السارة والخبر المفرح للعالم كله وكان الروح القدس يعمل فيهم وبهم ويوجههم ويقودهم ويرشدهم ويتكلم على لسانهم وبفمهم. وهكذا كرزوا وبشروا بالإنجيل للمسكونة كلها يقودهم الروح القدس، وكانوا خير شهود له "فيسوع هذا أقامه الله ونحن جميعا شهود لذلك" (أع32:2)‎، "ورئيس الحياة قتلتموه الذي أقامه الله من الأموات ونحن شهود لذلك" (أع15:3)، "‎ونحن شهود له بهذه الأمور والروح القدس أيضا الذي أعطاه الله للذين يطيعونه" (أع32:5)، "ونحن شهود بكل ما فعل في كورة اليهودية وفي أورشليم. الذي أيضا قتلوه معلقين إياه على خشبة" (أع39:10).
  وكان جوهر رسالتهم وشهادتهم، كما يقول القديس يوحنا، هو "الذي كان من البدء الذي سمعناه الذي رأيناه بعيوننا الذي شاهدناه ولمسته أيدينا من جهة كلمة الحياة. فان الحياة أظهرت وقد رأينا ونشهد ونخبركم بالحياة الأبدية التي كانت عند الآب وأظهرت لنا. الذي رأيناه وسمعناه نخبركم به لكي يكون لكم أيضا شركة معنا. وأما شركتنا نحن فهي مع الآب ومع ابنه يسوع المسيح.. ونكتب إليكم هذا لكي يكون فرحكم كاملا" (1يو1:1-4)، وقد تحدثنا عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت في أقسام أخرى. وكما يشهد القديس بطرس قائلًا "لأننا لم نتبع خرافات مصنعة إذ عرّفناكم بقوة ربنا يسوع المسيح ومجيئه بل قد كنا معاينين عظمته. لأنه اخذ من الله الآب كرامة ومجدا إذ اقبل عليه صوت كهذا من المجد الأسنى هذا هو ابني الحبيب الذي أنا سررت به. ونحن سمعنا هذا الصوت مقبلا من السماء إذ كنا معه في الجبل المقدس" (2بط16:1-18).
  كان تلاميذ المسيح ورسله، كشهود عيان، هم المستودع الأمين لما عمله وعلم به الرب يسوع المسيح لذا فقد تساوت وصاياهم وتعاليمهم مع تعاليم أنبياء العهد القديم ومع وصايا الرب نفسه لأن وصيتهم هي وصيته وتعاليمهم هي تعاليمه؛ يقول القديس بطرس بالروح "لتذكروا الأقوال التي قالها سابقا الأنبياء والقديسون ووصيتنا نحن الرسل وصية الرب والمخلص" (2بط2:3)، ويقول القديس يهوذا الرسول "أخو يعقوب" (أع1: 17)، "وأما أنتم أيها الأحباء فاذكروا الأقوال التي قالها سابقًا رسل ربنا يسوع المسيح" (يه17).
  وهذا ما تعلمه وعلمه أيضا الإباء الرسوليون تلاميذ الرسل الذين تتلمذوا على  أيديهم واستلموا منهم الأخبار السارة:
* يقول القديس أغناطيوس الأنطاكي تلميذ بطرس الرسول "أثبتوا إذًا على تعاليم الرب والرسل" (3). "ثابروا على الاتحاد بإلهنا يسوع المسيح وبالأسقف وبوصايا الرسل" (4).
* ويقول أكليمندس الروماني تلميذ بولس الرسول والذي يقول عنه القديس إيريناؤس أنه "رأى الرسل القديسين وتشاور معهم" (5)؛ "من أجلنا استلم الرسل الإنجيل من الرب يسوع المسيح ويسوع المسيح أرسل من الله (الآب)" (6).
* ويقول بوليكاربوس الذي رافق الرسل خاصة القديس يوحنا الحبيب "فلنخدمه (المسيح) بخوف وتقوى كما يأمرنا هو والرسل الذين بشرونا بالإنجيل والأنبياء الذين أعلنوا لنا عن مجيء الرب" (7).
* ويقول القديس إيريناؤس أسقف ليون (120-202 م.) "إذ أن الرسل وضعوا في أيدي الكنيسة كل الأمور التي تخص الحق بغزارة وفيرة، مثل رجل غنى (أكتنز ماله) في بنك، لذلك فكل إنسان أيا كان يستطيع أن يسحب منها ماء الحياة" (8).
  سلم الرسل الكنيسة ما تسلموه هم من الرب "أنني سلمت إليكم ما تسلمته من الرب" (1كو23:11)، وعلموا المؤمنين أن يحفظوا جميع وصايا وأعمال الرب بكل دقة وحرص أن يتمسكوا بكل حرف وكلمة وجملة وفقرة "تمسك بصورة الكلام الصحيح الذي سمعته منى.. أحفظ الوديعة الصالحة بالروح القدس الساكن فينا" (2تي13:1و14). وكان الروح القدس يحفظ الكلمة سواء بالنسبة للرسل أو لمن سلموهم الأخبار السارة والذين كانوا بدورهم يسلمونها لآخرين أكفاء "وما سمعته منى بشهود كثيرين أودعه أناسًا أمناء يكونون أكفاء أن يعلموا آخرين أيضا" (2تي2:2). وكان الرسول بولس يمتدح أهل كورنثوس لحفظهم وحفاظهم على ما تسلموه "فأمدحكم أيها الأخوة على أنكم تذكرونني في كل شيء وتحفظون التعاليم كما سلمتها إليكم" (1كو2:11)، ويشكر الله من أجل أهل روما لإطاعتهم التسليم  الرسولي من القلب "فشكرًا لله أنكم كنتم عبيدًا للخطية ولكنكم أطعتم من القلب صورة التعليم التي تسلمتموها" (رو17:6)، ويقول لأهل تسالونيكي "فأثبتوا إذًا أيها الأخوة وتمسكوا بالتعاليم التي تعلمتموها سواء كان بالكلام أم برسالتنا" (2تس15:2)، ويقول القديس لوقا الإنجيلي بالروح أن ما سلمه الرسل للكنيسة كان مؤكدًا عندهم "الأمور المتيقنة عندنا كما سلمها إلينا الذين كانوا من البدء معاينين (شهود عيان) وخدامًا للكلمة" (لو1:1و2). فقد كان المسيحيون الأولون يحفظون كل حرف وكل كلمة سلمت إليهم عن ظهر قلب، وكانوا كيهود سابقين مدربين على الحفظ، حفظ  كلمة الله والتمسك بكل حرف فيها حتى الموت (9)، وكان الروح القدس الساكن فيهم يحفظ الكلمة فيهم ويذكرهم بها في كل وقت، كما أنهم لم يكونوا في الأيام الأولى للكرازة في حاجة لإنجيل مكتوب لأن وجود الرسل شهود المسيح على رأس الكنيسة، على قيد الحياة - فهم الوثيقة الحية والصوت الحي للشهادة عن المسيح عن كل ما عمله وعلمه - وحتى بعد انتشار رسائل الرسل وتدوين الإنجيل ظل المؤمنون يلجئون للرسل لمعرفة المزيد عن المسيح. يقول بابياس أسقف هيرابوليس (70-155 م.) والذي أستمع للقديس يوحنا وكان زميلًا لبوليكاريوس، كما يقول إيريناؤس (10): "وكلما أتى أحد ممن كان يتبع المشايخ سألته عن أقوالهم، عما قاله أندراوس أو بطرس، عما قاله فيلبس أو توما أو يعقوب أو يوحنا أو متى أو أي أحد آخر من تلاميذ الرب.. لأنني لا أعتقد أن ما تحصل عليه من الكتب يفيدني بقدر ما يصل إلى من الصوت الحي، الصوت الحي الدائم" (11).
  كان الرسل يعينون قادة الكنائس ويسلمونهم التقليد، التعليم، الأخبار السارة، الإنجيل ليسلموه بدورهم لآخرين: "وانتخبا لهم قسوسًا في كل كنيسة ثم صليا بأصوام واستودعاهم للرب الذي كانوا قد آمنوا به" (أع23:14)، "وإذ كانوا (بولس وسيلا وتيموثاوس) يجتازون في المدن كانوا يسلمونهم القضايا التي حكم بها الرسل والمشايخ الذين في أورشليم ليحفظوها" (أع4:16). "فقد أرسلنا يهوذا (برسابا) وسيلا وهما يخبرانكم بنفس الأمور شفاهًا" (أع27:15).
  هؤلاء المسيحيون الأولون حفظوا ما سمعوه بآذانهم وما شاهدوه بأعينهم وما سلمه لهم الرسل، فقد صاروا لهم تلاميذًا، وحافظوا عليه حتى الموت وكان الروح  القدس يعمل فيهم وأيضا بهم. وكانوا كيهود سابقين مدربين على حفظ كلمة الله وحفظ تقليد آبائهم حيث أنهم اعتادوا على ذلك جيدًا.
  ثم دعت الحاجة لتدوين الإنجيل وكتب الرسل معظم أسفار العهد الجديد قبل سنة 70 ميلادية عندما كان معظمهم أحياء حيث دون الإنجيل للقديس مرقس فيما بين سنة 45 وسنة 50م، ودون الإنجيل للقديس متى قبل 62م، ودون الإنجيل للقديس لوقا فيما بين سنة 60 و62م وسفر أعمال الرسل قبل سنة 67م وكتب القديس بولس رسائله الأربع عشره فيما بين سنة 50 وسنة 67م والقديس يعقوب الرسول فيما بين سنة 49 و62م حيث يرى البعض أنها كتبت قبل مجمع أورشليم سنة 50م ويرى البعض الآخر أنها كتبت في أواخر حياته فيما بين سنة 60 وسنة 62م وكتب القديس بطرس رسالتيه قبل استشهاده سنة 67م، وكتب القديس يهوذا أخو القديس يعقوب رسالته بعد رسالة بطرس الثانية وقبل سنة 70م، ودون القديس يوحنا الإنجيل الرابع وسفر الرؤيا وكتب رسائله الثلاث فيما بين سنة 80 وسنة 96م حيث ترك العالم حوالي 100م.
  وقد قبلت الكنيسة هذه الأسفار فور تدوينها واستخدمها الرسل في كرازتهم كالإنجيل المكتوب، وكانت تقرأ في الكنائس واجتماعات العبادة، في الكنائس التي كتبت فيها ولها أولًا، مع أسفار العهد القديم بالتساوي، "مبنيين على أساس الرسل والأنبياء ويسوع المسيح نفسه حجر الزاوية" (أف20:2)، "لتذكروا الأقوال التي قالها سابقا الأنبياء القديسون ووصيتنا نحن الرسل وصية الرب والمخلص" (2بط‌2:3)، خاصة في أيام الأحد، يقول يوستينوس الشهيد (حوالي 150م): "وفى يوم الأحد يجتمع كل الذين يعيشون في المدن أو في الريف معًا في مكان واحد وتقرأ مذكرات الرسل (الأناجيل) أو كتابات الأنبياء بحسب ما يسمح الوقت"(12).
  ويقول القديس بولس بالروح لأهل تسالونيكي "أناشدكم بالرب أن تقرا هذه الرسالة على جميع الإخوة القديسين" (1تس27:5).
   ويؤكد سفر الرؤيا على ترتيب الكنيسة وطقسها في قراءة الأسفار المقدسة في الاجتماعات والقداسات، وعلى حقيقة كون السفر هو كلمة الله، فيقول "طوبى للذي يقرا وللذين يسمعون أقوال النبوة ويحفظون ما هو مكتوب فيها لان الوقت قريب" (رؤ3:1) وتتكرر في السفر عبارة "من له أذن فليسمع ما يقوله الروح للكنائس" سبع مرات (رؤ2:7و11و17و29؛ 6:،13و22). كما يؤكد على حقيقة قراءة السفر عمومًا ككتاب مقدس لا يجوز تحريفه أو زيادة حرف عليه أو نقص حرف منه عندما يختم السفر بقوله "لأني اشهد لكل من يسمع أقوال نبوة هذا الكتاب أن كان أحد يزيد على هذا يزيد الله عليه الضربات المكتوبة في هذا الكتاب" (رؤ18:22).
  وكانت تنسخ نسخًا من هذه الأسفار وترسل للكنائس القريبة والمجاورة، وكانت كل كنيسة تحتفظ بالسفر الذي كتب لها أصلًا، سواء كان هذا السفر إنجيلًا من الأناجيل الأربعة أو رسالة من رسائل الرسل أو سفر الأعمال أو سفر الرؤيا، وتحتفظ بنسخ من الأسفار التي كتبت أو أرسلت للكنائس الأخرى. يقول القديس بولس في رسالته إلى كولوسي "ومتى قرئت عندكم هذه الرسالة فاجعلوها تقرا أيضا في كنيسة اللاودكيين والتي من لاودكية تقرأونها انتم أيضا" (كو16:4).
   وهكذا بدأت تتجمع أسفار العهد الجديد معًا بالتدريج حسب المناطق والكنائس التي أرسلت إليها أولًا حيث بدأت تتجمع رسائل القديس بولس معًا ثم الأناجيل. ويجب أن نضع في الاعتبار أن الأناجيل الثلاثة الأولى، ثم إنجيل يوحنا بعد ذلك، كانت الأسرع في الانتشار يليها رسائل بقية الرسل التي كتب بعضها قبل الأناجيل وسفر الرؤيا. كما كنت الرسائل تنتشر في المناطق المجاورة للأماكن التي أرسلت إليها أولًا، أما الأناجيل فقد كان انتشارها مرتبطًا بكرازة الكثير من الرسل التي حملوها معهم إلى أماكن متفرقة من العالم. ومن هنا تأخر الاعتراف ببعض هذه الرسائل وسفر الرؤيا في البلاد التي لم ترسل إليها أولًا، وذلك على الرغم من القبول الفوري لها في الأماكن التي أرسلت إليها أصلًا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق