الجمعة، 22 نوفمبر 2013

15 - قانونية العهد الجديد وتأكيد وحيه

15- قانونية العهد الجديد وتأكيد وحيه

 
  قبل أن نبدأ دراستنا في هذا الموضوع يجب أن نذكر بعض الأسئلة التي لابد منها وهى؛
(1) من الذي قرر صحة ووحي وقانونية كل من أسفار العهد القديم وأسفار العهد الجديد وكونها كلمة الله الموحى بها والمكتوبة بالروح القدس، الكنيسة أم تلاميذ المسيح ورسله؟
(2) ولماذا رفضت الكنيسة الكتب الأخرى التي انتشرت في أوساط الهراطقة، والتي لم يُقبل، آباء الكنيسة، أي كتاب منها في يوم من الأيام كسفر قانوني؟
(3) وهل الكنيسة هي التي قدمت للمؤمنين هذه الأسفار بعينها دون غيرها، أو بمعنى آخر؛ هل الكنيسة هي أم القانونية وحاكمتها وقاضيتها ومنظمتها وسيدتها، كما يتصور البعض من النقاد، أم أنها تسلمتها من رسل المسيح وتلاميذه؟
(4) هل حافظت الكنيسة على ما تسلمته من الرسل، أم زودت عليه أو نقّصت منه؟
(5) ولماذا رفضت الكتب الأبوكريفية ولم تقبل أي منها ككتاب قانوني في أي وقت من الأوقات؟ ما هي الأسباب والدوافع التي أدت إلى رفضها؟
(6) هل اختارت الكنيسة أسفارا ورفضت أخرى بصورة عشوائية، أو بحسب ما يتناسب معها ويرضي قادتها، كما يزعم البعض، أم أنها قبلت فقط ما تسلمته من الرسل؟
(7) هل اختارت عددًا محددًا من كم كبير من الكتب والأسفار التي كانت موجودة أمامها، أم تسلمت من رسل المسيح ورسله أسفارًا محددة ورفضت ما جاء من خارج دائرة الرسل والكنيسة الجامعة الرسولية الأرثوذكسية؟
St-Takla.org Image: Arabic Bible, click for the Arabic Bible Search
صورة في موقع الأنبا تكلا: الكتاب المقدس - اضغط للدخول لصفحة البحث في الإنجيل
  والإجابة التي يؤكدها التاريخ والتقليد والأسفار المقدسة نفسها هي؛ أن الكنيسة كانت مبنية على أساس كلمة الله في هذه الأسفار المقدسة التي تسلمتها من الرسل وليست مقررة للقانونية، كما يقول الكتاب نفسه "مبنيين على أساس الرسل والأنبياء ويسوع المسيح نفسه حجر الزاوية" (أف20:2). فقد أقرت الكنيسة الأولى بصحة ووحي هذه الأسفار، التي تسلمتها من الرسل، وأنها مكتوبة بالروح القدس، وأدركتها وشهدت لها وبشرت بها وحفظتها بالروح القدس وسلمتها للأجيال التالية كما تسلمتها هي من الرب يسوع المسيح ورسله ولم تقررها.
   كما أن كلمة قانون أو قانونية لم تستخدم للتعبير عن وحي وتدوين أسفار العهد الجديد بالروح القدس، الأناجيل الأربعة، الإنجيل بأوجهه الأربعة، وسفر أعمال الرسل ورسائل الرسل، بولس ويعقوب وبطرس ويوحنا ويهوذا أخو يعقوب، وسفر الرؤيا، وقبولها ككلمة الله ذات السلطان الإلهي حتى القرن الرابع الميلادي، وإنما قبلت هذه الأسفار حتى قبل أن تكتب باعتبارها كلمة الله ووحيه الإلهي. وكان لهذا القبول الذي سمي بعد ذلك بالقانونية، أسبابه ومبرراته:
(1) رسوليه الرسل، شهود العيان، وعمل الله معهم: فقد كُتب هذه الأسفار ودونها بالروح القدس تلاميذ المسيح ورسله وشهوده الذين سلموا للكنيسة نفس ما بشروا به من قبل شفاهه مؤيدين بالعجائب والمعجزات التي تدل على عمل الروح القدس فيهم وكلامه على لسانهم وبأفواههم أو كما يقول الكتاب "شاهدا الله معهم بآيات وعجائب وقوات متنوعة ومواهب الروح القدس" (عب4:2). "وكانت عجائب وآيات كثيرة تجرى على أيدي الرسل" (أع43:2)، وقد تحدثنا عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت في أقسام أخرى. "وجرت على أيدي الرسل آيات وعجائب كثيرة في الشعب" (أع12:5؛ 8:6؛3:14؛12:15). والتي تؤكد رسوليتهم كرسل الرب يسوع المسيح وأن كل ما ينادون به ويعلمونه هو كلام الله بالروح القدس. يقول القديس بولس بالروح "بقوة آيات وعجائب بقوة روح الله حتى أنى من أورشليم وما حولها إلى الليريكون قد أكملت التبشير بإنجيل المسيح" (رو19:15)، "أن علامات الرسول صنعت بينكم في كل صبر بآيات وعجائب وقوات" (2كو12:12)، "انتم شهود والله كيف بطهارة وببر وبلا لوم كنا بينكم انتم المؤمنين كما تعلمون كيف كنا نعظ كل واحد منكم كالأب لأولاده ونشجعكم ونشهدكم لكي تسلكوا كما يحق لله الذي دعاكم إلى ملكوته ومجده. من اجل ذلك نحن أيضا نشكر الله بلا انقطاع لأنكم إذ تسلمتم منا كلمة خبر من الله قبلتموها لا ككلمة أناس بل كما هي بالحقيقة ككلمة الله التي تعمل أيضا فيكم انتم المؤمنين" (1تس10:2-13).
(2) التقليد الرسولي المسلم من رسل المسيح: فقد كان الذين قبلوا هذه الأسفار في البداية هم أنفسهم الذين تسلموا ما جاء فيها من قبل شفويًا وكانوا يحفظون كل ما كتب فيها ككلمة الله ووحيه الإلهي بل وأكثر مما كتب فيها، حيث كرز رسل المسيح ونادوا لهم بالإنجيل وحفظوه لهم بأسلوب التعليم والتسليم الشفوي كما يقول الكتاب "أمدحكم أيها الأخوة على إنكم تذكرونني في كل شيء وتحفظون التعاليم كما سلمتها إليكم" (1كو2:11)، "لأنني تسلمت من الرب ما سلمتكم أيضا" (1كو23:11)، "فإنني سلمت إليكم في الأول ما قبلته أنا أيضا" (1كو3:15)، "وما تعلمتموه وتسلمتموه وسمعتموه ورأيتموه في فهذا افعلوا" (فى9:4)، "لأنكم إذ تسلمتم منا كلمة خبر من الله قبلتموها لا ككلمة أناس بل كما هي بالحقيقة ككلمة الله التي تعمل أيضا فيكم انتم المؤمنين" (1تس2: 13).
  يقول القديس أكليمندس الإسكندري (150 - 215) المعروف بخليفة خلفاء الرسل والذي حفظ عنهم التقليد، والذي يقول عنه المؤرخ الكنسي يوسابيوس القيصري أنه كان "متمرسًا في الأسفار المقدسة" (1): "وقد حافظ هؤلاء الأشخاص على التقليد الحقيقي للتعليم المبارك، المسلم مباشرة من الرسل القديسين بطرس ويعقوب ويوحنا وبولس، إذ كان الابن يتسلمه عن أبيه.. حتى وصل إلينا بإرادة الله لنحافظ على هذه البذار الرسولية" (2).
  هذا التعليم أو التسليم كان يسلم من الرسل إلى تلاميذهم وتلاميذهم يسلمونه لآخرين وهكذا "وما سمعته مني بشهود كثيرين أودعه أناسا أمناء يكونون أكفاء أن يعلموا آخرين أيضا" (2تى2:2). فلما دونت الأناجيل كان هؤلاء يحفظون كل ما دون فيها بل وأكثر مما دون فيها.
(3) تسليم الأسفار للكنيسة الأولى: كما أن الذين استلموا هذه الأسفار وقبلوها هم الذين طلبوا من الرسل أن يدونوا لهم ما سبق أن تسلموه شفويًا، ومن ثم فقد دونت بالروح القدس لهم وأمامهم وبمعرفتهم ومن ثم قبلوها بكل قداسة ووقار ككلمة الله الموحى بها من الروح القدس.
  يقول أكليمندس الإسكندري: "لما كرز بطرس بالكلمة جهارًا في روما. وأعلن الإنجيل بالروح طلب كثيرون من الحاضرين إلى مرقس أن يدون أقواله لأنه لازمه وقتًا طويلًا وكان يتذكرها. وبعد أن دون الإنجيل سلمه لمن طلبوه".
  وتقول الوثيقة الموراتورية "الإنجيل الرابع هو بواسطة يوحنا أحد التلاميذ, إذ عندما توسل إليه زملاؤه (التلاميذ) والأساقفة في ذلك قال: صوموا معي ثلاثة أيام ونحن نتفاوض مع بعضنا بكل ما يوحي الله به إلينا. ففي هذه الليلة عينها أعلن لأندراوس أحد الرسل أن يوحنا عليه أن يكتب كل شيء تحت اسمه والكل يصدق على ذلك".
  وهنا يتبين لنا أن الأناجيل كتبت بناء على طلب المؤمنين الذين تسلموها من الرسل، الذين سبق أن سلموها لهم شفويًا، كتبت بناء على طلبهم وتحت سمعهم وبصرهم وكانوا من قبل يحفظونها شفويًا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق